هي مجموعة من المقالات الأدبية والاجتماعية التي كتبها أحمد أمين وجمعها بين دفتي هذا الكتاب الذي سماه «فيض الخاطر» إن كتابة هذا العمل تأملية إلى حدٍّ كبير، تعكس خبرة ذاتية لا يستهان بها، فالكاتب يجعل أفكاره وعواطفه تمتزج امتزاجًا تامًّا بأسلوبه، بحيث تجيء عباراته جامعة لأكثر ما يمكن من أفكار وعواطف في أقل ما يمكن من عسر وغموض، فإذا قرأت هذا الكتاب فإنه سيروعك جمال معانيه أكثر مما سيشغلك جمال لفظه، فهو كالغانية تستغني بطبيعة جمالها عن كثرة حليِّها.
جمع أحمد أمين في هذا العمل بين جِدة البحث ومتعته، فلا يكاد القارئ يتصفح الكتاب حتى يجد نفسه متشوقًا ومتلهِّفًا لمعرفة المزيد؛ إذ يشرح الكتاب — بأسلوب مسلٍّ وسلسٍ — العادات والتقاليد والتعابير المصرية، فيتطرق إلى عادات أهل مصر في المأكل والمشرب والملبس، والتقاليد الاجتماعية والثقافية التي تَوَاضَعَ عليها أهل هذا البلد، كذلك التعابير العامية اللغوية التي يستخدمونها في التواصل بينهم سواء أكانت هذه التعبيرات عربية الأصل أم أجنبية عُرِّبت، وقد رُتبت محتويات الكتاب ترتيبًا أبجديًّا بشكل يساعد القارئ على الوصول لمبتغاه بسهولة ويسر.
«هي كلمات اشتملت على معان شتى الصور، وأغراض مختلفة الخبر، جليلة الخطر منها ما طال عليه القدم، وشاب على تناوله القلم، وألم به الغفل من الكتاب والعلم. ومنها ما كثر على الألسنة في هذه الأيام وأصبح يعرض في طرق الأقلام وتجرى به الألفاظ في أعنَة الكلام، من مثل: الحرية، والوطن، والأمة، والدستور، والإنسانية، وكثير غير ذلك من شئون المجتمع وأحواله وصفات الإنسان وأفعاله، أو ما له علاقة بأشياء الزمن ورجاله، يكتنف ذلك أو يمتزج به حكم عن الأيام تلقيتها، ومن التجاريب استمليتها، وفي قوالب العربية وعيتها وعلى أساليبها حبرتها ووشيتها، وبعض هذه الخواطر قد نبع من القلب وهو عند استجمام عفوه وطلع في الذهن وهو عند تمام صحوه وصفوه.»
يضم هذا الكتاب طائفةً من الأمثال الشعبية العامية التي تجسد إرثًا مهمًّا في ميدان الأدب الشعبي، وقد جمع أحمد تيمور هذه الأمثال وَرَتَّبَها وفقًا للأبجدية العربية، وكتابه هذا أشبه بقاموس يُعينُ على فهم مفردات الحياة الاجتماعية عند البسطاء الذين كانوا سببًا في نشأة هذا النوع من الأمثال، ويُحْمَدُ للكاتب في هذا المُؤَلَّف ذِكْرُه للمناسبة التي كانت أشبه بلحظة التنوير في خَلْقِ المثل؛ وذلك نظرًا لأهميتها في الكشف عن البواعث الاجتماعية التي انتقلت بالمثل من خصوصية الحال عند صاحبه إلى عمومية التداول بين كافة أطياف المجتمع على اختلاف طبقاتهم وأعراقهم. وإنه لمن الإنصاف لهذا الكتاب أن نَصِفَه بأنه سجل المثل السائر عَبْرَ الزمان المُنْصَرِمِ العابر.
يتضمن هذا الكتاب لمؤلفه أحمد تيمور الكثير من الآراء والأحاديث والنوادر والأشعار التي دارت حول الحب والجمال، حيث يستعرض الكتاب صفات الحب وأغراضه وأنواعه، ويتناول مختارات وطرائف مما قيل في العشق والجمال والغزل، كما يشتمل على نوادر فائقة للشعراء العشاق. ومن الجدير بالذكر أن تيمور باشا لم يستثن أحد من هذا الموضوع، حيث تطرق إليه عند الأنبياء والخلفاء والشعراء والسلاطين والفقهاء والمتصوفين. وليس من الغريب أن يبدي رجل بقامته وهو الأديب والعالم والحجة في اللغة إعجابه بالحب والجمال على الرغم من اشتهاره بالوقار والمحافظة على التقاليد الدينية والاجتماعية، فقد سبقه الكثيرين من أكابر العلماء والأدباء ممن عنوا بذات الموضوع.
تمتاز الأمثال والحِكَم الشعبية ببساطتها وسهولة أسلوبها، كما أنها تمتاز أيضًا بإصابة المعنى بالتعريض دون التصريح، وهذا ما يُطلِق عليه علماء البلاغة «الكناية»، والكناية من أبرز السمات الواضحة في الأمثال العربية والشعبية. وفي هذا الكتاب النفيس يصحبنا الأديب واللُّغوي «أحمد تيمور باشا» في جولةٍ بين حروف لغة الضاد، ليقف مع كل حرفٍ على حِدَةٍ، ويستخرج من وحْيه الكنايات التي جاءت على هذا الحرف، فيبحث في «الكنايات العامية» في النحو والصرف وفِقه اللغة والبلاغة؛ فجاء الكتاب وكأنه معجم، جمع فيه أغلب الأمثال العامية وجاء بما يُشابهها، مشروحةً ومرتبةً على الأحرف الهجائية، ليكون ميسرًا للبحث والتقصِّي.