هذه مجموعة من المقالات القصيرة التي كتبها سلامة موسى في موضوعات عديدة ومتنوعة، وقد جمعها في هذا الكتاب تحت عنوان «طريق المجد للشباب»، حيث أراد من خلالها أن يبتعث روح التفاؤل والتجديد والطاقة والحيوية في المجتمع المصري عبر استهداف طبقة الشباب منه، إذ يحمل الشباب غالبًا مقومات الفكر الطليعي التجديدي في أية أمة، والذي تستطيع من خلاله أن تتعامل هذه الأمة بفاعلية مع قضاياها المجتمعية، وقد رأى سلامة موسى أن ما كتبه في هذه المقالات، قد يكون بمثابة مفاتيح تساعد الشباب في فتح الأبواب الموصدة، و بناء طريق المجد لهم وللمجتمع من حولهم.
هل أنت سعيد؟ إن كانت الإجابة: نعم، فما هو مقدار سعادتك؟ وإن كانت الإجابة: لا، فكيف تغدو سعيدًا؟ يحيا الإنسان طوال حياته باحثًا عن السعادة، وقد تنتهى حياته ولا يَذْكُر لحظة كان بها سعيدًا، ربما هذا الشخص لم يقرأ «فن الحياة»؛ إنه كتاب يحتوي على المبادئ الأساسية للسعادة، وهو يعترف أن تحقيق السعادة له متطلبات؛ منها: أن يُحقق الإنسان الحد الأدنى من الحياة الكريمة. يستطيع الإنسان من هنا أن يسير نحو سعادته، وهي ليست سعادة المال الذي يسعى الكثير وراءه معتقدين أنه سبيلهم الوحيد لبلوغها. إن السعادة الحقيقية هي التخلص من عاداتنا السيئة، والاتجاه نحو القراءة والثقافة؛ تلك هي السعادة الحقيقية، سعادة الوجدان لا سعادة الحيوان.
يضم هذا الكتاب مجموع من المقالات التي استمر سلامة موسى في كتابتها بالصفحة الافتتاحية لإحدى المجلات الأسبوعية على مدار سبع سنوات، حيث توخى فيها مخاطبة الشباب، وإرشادهم إلى ما سماه الحقائق الحضارية والمعاني الثقافية. وقد رأى موسى أن إقامته في أوروبا نحو خمس سنوات أتاحت له عمق التأمل والتدبر في أسباب رفعة وتقدم الأوروبييين في كثير من مجالات الحياة الأدبية والعلمية، إلا أننا إذا نظرنا إلى حقيقة الرؤية التي يصبر من خلالها المؤلف تقدم الحضارة الغربية، سنجد أنها رؤية داروينية اجتماعية، تؤمن بالتطور الخطي للتاريخ، وتفترض وجود طريق واحدي حتمي للتقدم.
كثيرًا ما نسمع أو نقرأ أو نشاهد أناسًا يتحدثون عن أهمية الثقافة ودورها في إحياء الفرد، إلَّا أن قليل منا من يتذوق هذا المعنى عن حق، فالأمر أشبه بشيخ يعظ طفلًا، حيث يتلقى الطفل المواعظ، فتصل إلى مسامعه كلمات وألفاظ، في حين لا يُلقيها الشيخ عليه كذلك فقط، بل يستدعيها من بواطن الخبرة وجدانًا ومعنًى، وهيهات المسافة ما بين اللفظ والمعنى، وبين الكلمة والوجدان، وتكمن مزيّة هذا الكتاب في أنه لا يسهب في الشرح النظري لأهمية الثقافة، بل يحاول أن يضع الإنسان أمام التجربة الثقافية؛ ليمارسها بشكل عملي، فيتذوقها ولا يتلقاها.
يمر الإنسان منذ ولادته بعدة مراحل عمرية، يحمل كل منها سمة غالبة على الأفعال والسلوكيات والممارسات، سواء كان ذلك في المجال العام والخاص. ففي الطفولة يرتبط الإنسان بوالديه ارتباطًا كبيرًا، وتوجَّه أفعالهُ تربويًا، ويكون حيز الفعل الذاتي ضيقًا إلى حد كبير، كما يكون الإنسان ضعيفًا من الناحية الجسمانية، غير مؤهل للاعتماد على الذات. لذلك فالطفولة هي المرحلة الأكثر سيولة وتأثرًا بالعالم المحيط. وإذا نظرنا إلى مرحلة الشيخوخة سنجد أنها المرحلة الأكثر صلابة والأقل تأثرًا بمحيطها الاجتماعي، حيث يميل الإنسان فيها إلى الاستقرار والسكون عن التغير والحركة، إذ تبلغ الحكمة منتهاها، وتصل الخبرة إلى مداها، فيكون حيز الفعل الذاتي كبير. أما مرحلة الشباب فهي أكثر المراحل العمرية حيوية ونشاطًا، تظهر فيها علامات النضوج النفسي والعقلي والجسماني على الإنسان، كما يبدأ فيها حيز علاقاته الاجتماعية بالتشكل بناء على الاخيار الحر. كما يحمل الإنسان فيها الكثير من الطموحات والآمال العريضة والواسعة التي تتناسب وطاقته العقلية والجسمانية الكبيرة. ويحافظ الإنسان في هذه المرحلة على مسافة متساوية بينه وبين ذاته وموضوعاته، فيتأثر ويؤثر، ويغير ويتغير. لذلك يجمع الشاب بين ليونة الطفل رعونته، وصلابة الشيخ وحكمته. باختصار هي تستحق الاهتمام، لأنها قد تصير عنفًا بعد أن كانت عنفوانًا.
هي مجموعة من المقالات المتنوعة التي كتبها سلامة موسى بأسلوب شيق وسلس، تناول خلالها موضوعات وشخصيات عدة، حيث تحدث عن حياة الأدب وأدب الحياة، كما تحدث عن الفن ووظيفته الكفاحية في تحرير الشعوب من استبداد وقهر حكامها، وتناول الأبعاد الإنسانية للعلم كيف تم توظيفها في خدمة البشرية، كما تطرق إلى بعض المشاكل والقضايا الاجتماعية المحلية وكيفية علاجها. وقد اهتم سلامة موسى أيضًا بتناول بعض الشخصيات التاريخية والأدبية والعلمية البارزة؛ كشخصية صلاح الدين الأيوبي وابن خلدون ونابوليون وتولستوي ودستوفيسكي وجوركي.
هي نسمات لطيفة وأفكار مفيدة بثتها الأديبة اللبنانية البليغة «سلمى صائغ»، حاولت أن تعالج من خلالها بعض الظواهر السلبية والأدواء التي تحيط بمجتمعها وبني قومها، وصاغتها بأسلوب يجمع بين عذوبة الأدب وطلاوته، وعقل المفكر ومنطقيته، بعد أن أرَّقها الكثير من مظاهر الآلام والتأخر والجمود من حولها؛ فتعرضت فيها لبعض الفئات المهضمومة حقوقها، كالجنود العائدين من مآسي الحروب، والنساء وما يلاقين من إهمال وتهميش وغير ذلك بسبب أعراف لا يقرها شرع ولا عقل، فكانت هذه الروائع التي جمعت بين صدق العاطفة وسلامة الفكر وجمالية الأسلوب، فتألَّفت باقةٌ من أنْفَس زهرات كِتَابات «سلمى»، تميزت بما فيها من إبداع في التصوير، وروعة في التعبير، يجعل القلوب تهفو إلى مطالعة نسماتها، والعقول تستلذ وتستمد من سنا أفكارها.
يبدو أن «مصر» على موعد دائم مع الآكلين على كل الموائد، سارقي الثورات، الذين يتخذون الشعب مَطِيَّة لمطامعهم، فهذا اﻟ «عربجي» يضرب بسوطه أعناق انتهازيي السياسة المصرية عقب ثورة ١٩١٩م، فيذيع سرهم ويكشفهم أمام العامَّة بأسلوبٍ أدبيٍّ ساخر، يأسر العقل والروح، وهكذا يمضي منتقدًا مجتمع «القاهرة» وأخلاق شبابها وبناتها. وعلى قدر ما يحمل موضوع الكتاب من إثارة، تحمل أيضًا هُوية مؤلِّفه المزيد منها؛ فكاتبه الأديب والفنان المصري «سليمان نجيب» نشره تحت اسمٍ مُستعار هو «الأسطى حنفي أبو محمود» الذي جعله يجوب شوارع القاهرة في عشرينيات القرن الماضي، مرافقًا نخبة المجتمع، ورجال السياسة آنذاك. وقد أثار هذا الإنتاج الأدبيُّ إعجاب المفكر والأديب «فكري أباظة» فقدَّم له، ومدحه وأثنى على صاحبه بما يحمل من أصيل الأدب الشعبي.
أحيانًا ما يضيق الأدباء بالكلام في التاريخ والنقد والأدب وقضاياه؛ فيشعرون بشوق لأن يعرفهم القارئ كأصدقاء لا أدباء، ليتجاذبوا معه أحاديث بسيطة تنفذ للقلب، وتخلو من أسباب الجدال أو الخصومة، فتخلق علاقة إنسانية بين الكاتب والقُرَّاء، كما تخفف عن الأديب بعضًا من قلقه وتُقَرِّبه من جمهوره، فينزل من برجه العاجي ويختلط بالناس كاشفًا لهم عن جوانبه الإنسانية؛ فهو مثلهم يتألم ويحب، وتمتلئ نفسه بالأحلام التي يحب أن يُطلِع قُرَّاءه عليها، وهو ما فعله «طه حسين» في هذا الكتاب الذي كانت فصوله كأحاديث لطيفة يُسِرُّها الأصدقاء بعضهم إلى بعض في جلسات السمر، فتزداد الألفة بينهم.
بين حبٍّ ضائعٍ وآخر يائس، بين حبٍّ آثمٍ وحبٍّ بالإكراه، تقبع نفوسٌ معلَّقة، خيالاتٌ وأطياف، وانسياباتٌ للفن القصصيِّ الذي أبدعه عميد الأدب العربي، وجعل منه مرآة للنفس البشرية بقوتها وضعفها، عنفوانها واهترائها، فأتت قصصه متتبعة لما يظهر أو يخفى من طبائع الناس ودقائق علاقاتهم الاجتماعية. وفي القصة الأطول، والتي تحمل المجموعة اسمها؛ يحكي لنا «طه حسين» حكاية الخيانة والإخلاص على لسان فتاة فرنسية سلبت الحربُ عائلتَها الفرحةَ والأبناءَ، فما كاد الحبُّ يطرق قلبها حتى عاد إلى روحها الإشراق بعد انطفاء، وعاشت سنوات زواجها الأولى هانئة ناعمة، حتى كان أن لُطِّخت اللوحة الجميلة بلونٍ دخيلٍ لم يناسب صدقها وصفاء روحها، ولم تستطع «مادلين موريل» أن تتسامح مع سارقي بهجتها، فاختارت أن تنهي حياتها؛ فلعل في ضياع الروح مهربًا ومنجاةً من ضياع القلب.